يوم الثلاثاء 14 يناير 2025، ألقى رئيس الوزراء الدكتور نجيرينتي خطاباً افتراضياً خلال إطلاق تقرير “فورسايت أفريقيا” Foresight Africa: الأولويات الرئيسية لأفريقيا 2025-2030.
يبرز التقرير تقدم إفريقيا نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة (SDGs).
بحلول عام 2030، سوف يعيش خمس سكان العالم في أفريقيا، وأغلبهم من الشباب. ولا تزال ثروات القارة المعدنية غير مستغلة إلى حد كبير، ويمكن لأراضيها الصالحة للزراعة أن تطعم العالم، والأهم من ذلك أن أفريقيا اليوم تنعم بالسلام إلى حد كبير.
إن الادعاء بأن المستقبل ينتمي إلى أفريقيا هو حقيقة تدعمها كل المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية. ولكن لتحويل هذه الإمكانات إلى تقدم، يتعين على أفريقيا أن تضع نفسها في وضع استراتيجي يتيح لها اغتنام الفرصة.
إن النبأ السار هو أننا نحرز تقدماً ملحوظاً. فقد بات من الواضح الآن أن التحول الاجتماعي والاقتصادي في أفريقيا يكمن في أيدي شعبها. ولن يتمكن أي شخص آخر من القيام بذلك نيابة عنا. ولم تفلح محاولات تنمية القارة من دون ملكية وقيادة من جانب الأفارقة. ونحن ندرك التحديات والتطلعات التي نواجهها أفضل من أي شخص آخر.
لقد كشفت الأزمات الأخيرة ــ مثل جائحة كوفيد-19، والحرب بين روسيا وأوكرانيا، والضعف السياسي الداخلي ــ عن نقاط ضعف، بما في ذلك اختلال التوازن التجاري، وارتفاع التضخم، وتباطؤ النمو. ومع ذلك، قدمت هذه التحديات أيضا دروساً قيمة.
على سبيل المثال، سلط التوزيع غير العادل للقاحات كوفيد-19 الضوء على الحاجة الملحة للاستثمار في تصنيع اللقاحات محلياً. وتلعب رواندا، بالشراكة مع شركة بيونتيك، دورها من خلال إنشاء مصنع متطور لتصنيع اللقاحات باستخدام تقنية mRNA، مما يشكل سابقة للقارة.
ولتأمين مستقبل أفريقيا، يتعين على أفريقيا أن تسعى إلى إيجاد حلول من الداخل. وتشكل منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية شهادة على هذه الوحدة، حيث تربط 1.3 مليار شخص عبر 54 دولة يبلغ مجموع ناتجها المحلي الإجمالي أكثر من 3.4 تريليون دولار. وبفضل الإرادة السياسية للإصلاح والتنفيذ المطرد، من المتوقع أن تكون منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية بمثابة عامل تغيير في التجارة والاستثمار والتكامل الاقتصادي في جميع أنحاء القارة.
وعلى الساحة العالمية، بدأت أفريقيا في استغلال نفوذها بفعالية. وسواء كان ذلك من خلال الدعوة إلى موقف موحد بشأن العمل المناخي، أو إصلاح الأنظمة المالية الدولية، أو تضخيم أصواتنا داخل المنصات العالمية، فإن أفريقيا تثبت أنها قادرة على تشكيل مصيرها.
إن رحلة رواندا تقدم لنا دروساً قيمة. إن التحول الاجتماعي والاقتصادي الذي نشهده مدفوع بالملكية ــ تطوير حلول محلية متجذرة في ثقافتنا ومصممة خصيصاً لتلائم التحديات الفريدة التي نواجهها. ورغم أن الشراكات تشكل أهمية بالغة، فإنها تكون أكثر إنتاجية عندما تتوافق مع رؤيتنا وأهدافنا.
ولكن التحديات لا تزال قائمة. فنحن في احتياج إلى استثمارات كبيرة في القطاعات الإنتاجية لخلق الفرص لشبابنا. وتشكل توسيع نطاق الوصول إلى الطاقة، وبناء أنظمة مالية رقمية قوية، والتعامل مع النظام الاقتصادي العالمي المجزأ، أولويات ملحة.
مع تبقي خمس سنوات فقط لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، يتعين على أفريقيا أن تتحرك بحزم. وفي عالم يتسم بضعف التعددية، وارتفاع الحواجز التجارية، والتوترات الجيوسياسية، وتزايد الكوارث المناخية، يتعين على أفريقيا أن تعزز مكانتها العالمية. والأمر الأكثر أهمية هو أننا يجب أن نقاوم استغلالنا وأن نحافظ على تحسين رفاهة شعبنا باعتباره الجائزة النهائية.