مستقبل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في حالة من الغموض بعد قرار ترامب بتجميد تمويلها

أصبح مستقبل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) غير مؤكد بشكل متزايد في أعقاب تجميد إدارة ترامب شبه الكامل للمساعدات الخارجية.

وقد أدت المناقشات داخل الإدارة بشأن وضع الوكالة الأميركية للتنمية الدولية تحت السيطرة المباشرة لوزارة الخارجية إلى تفاقم المخاوف من إمكانية تفكيك الوكالة الإنسانية الأولى في الولايات المتحدة أو تقليص حجمها بشكل كبير.

وفي أعقاب تجميد التمويل، دخلت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في حالة من الاضطراب. فقد تم تسريح مئات الموظفين والمقاولين أو إحالتهم إلى إجازة مؤقتة، كما وردت تقارير عن تهميش ما يقرب من ستين من كبار المسؤولين. وتوقفت العمليات الخارجية، في حين تظل آلاف الوظائف الإضافية معرضة للخطر.

 

كانت علامات تراجع حضور الوكالة واضحة يوم الجمعة، حيث تمت إزالة العلامات البارزة في مقر الوكالة في واشنطن، مما أثار التكهنات بأن الإغلاق الكامل قد يكون وشيكاً.

كان المشرعون الديمقراطيون سريعين في مقاومة أي إعادة هيكلة محتملة، مؤكدين أن الوكالة الأميركية للتنمية الدولية تعمل ككيان مستقل بموجب القانون. وأصدر السناتوران جين شاهين وبريان شاتز، إلى جانب النائبين جريجوري ميكس ولويس فرانكل، بياناً حذروا فيه من أن “أي اقتراح لتعديل هيكل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية سوف يتطلب قانوناً من الكونجرس”.

 

وكرر السيناتور كريس مورفي هذا الرأي، قائلاً: “لا يجوز للرئيس إلغاء وكالة فيدرالية مخصصة بموجب أمر تنفيذي”.

وعلى الرغم من عدم الاستقرار المتزايد الذي تعيشه الوكالة، لم يعين الرئيس ترامب بعد زعيماً للإشراف على الوكالة. وتشير التقارير الإعلامية إلى أن بيت ماروكو، وهو مسؤول في إدارة ترامب وله تاريخ في العمل في الوكالة، يقود الجهود الرامية إلى تقليص قوة العمل في الوكالة ونفوذها.

 

وتشير التقارير إلى أن ماروكو، الذي واجه في السابق مقاومة داخل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية بسبب محاولات تعزيز السيطرة وخفض التمويل، يشرف الآن على تغييرات واسعة النطاق في الموظفين.

ويرى المنتقدون أن موقف ترامب العدواني تجاه المساعدات الخارجية لا يعطل الجهود الإنسانية فحسب، بل يعزز أيضاً منافسيه الجيوسياسيين مثل الصين، التي وسعت مبادراتها للمساعدات الدولية.

 

صرح السيناتور كريس فان هولن أن “عملية تطهير الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ووقف المساعدات الخارجية التي يقوم بها ترامب تضر بالفعل بالجهود المبذولة لتقديم المساعدات وتعزيز مكانة الصين العالمية على حسابنا”.

وبالإضافة إلى الجدل، تدخل رجل الأعمال الملياردير إيلون ماسك في مصير الوكالة يوم الأحد بعد صدام بين مسؤولي الأمن في الوكالة ووزارة كفاءة الحكومة التي أنشأها ترامب حديثاً.

 

ووصف ماسك، الذي تم تعيينه لقيادة وزارة الطاقة، الوكالة الأميركية للتنمية الدولية بأنها “منظمة إجرامية” بعد أن ورد أن مسؤوليها منعوا فريقه من الوصول إلى مواد سرية.

وكتب ماسك على موقع X: “حان وقت موتها”، مما زاد من المخاوف من أن الإدارة عازمة على تفكيك الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية بالكامل.

 

وفي إطار التكهنات، توقف موقع الوكالة الأميركية للتنمية الدولية مؤقتاً عن العمل خلال عطلة نهاية الأسبوع، في حين ظهرت صفحة مختصرة تحت عنوان وزارة الخارجية. وقد دفعت هذه الخطوة الواضحة نحو توحيد الوكالات السيناتور كريس كونز إلى اتهام ترامب بـ “محاولة تدمير الوكالة بالكامل”.

وتظل الولايات المتحدة أكبر ممول للمساعدات الخارجية في العالم، إذ وزعت 72 مليار دولار على ما يقرب من 180 دولة في العام الماضي ــ وأكثر من نصف هذا المبلغ تدفق عبر الوكالة الأميركية للتنمية الدولية.

 

تدعم الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية مجموعة واسعة من البرامج في مختلف أنحاء أفريقيا، مع التركيز على الصحة والتعليم والنمو الاقتصادي والحوكمة والقدرة على التكيف مع المناخ والمساعدات الإنسانية.

شاركت الوكالة، التي تأسست في 3 نوفمبر 1961، بشكل نشط في رواندا منذ عام 1964، مع التركيز على تعزيز القدرة الاقتصادية للبلاد، والمناخ الاجتماعي، والرفاهة البيئية.

 

بالشراكة مع الحكومة الرواندية، تنفذ الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية برامج تهدف إلى تحسين النظم الصحية، وتعزيز الإنتاجية الزراعية، وتوسيع سبل العيش وزيادة الدخول، من بين مبادرات أخرى.

إذا مضت إدارة ترامب في تنفيذ التغييرات الجذرية التي أدخلتها على الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، فقد يتحول المشهد العالمي للمساعدات الإنسانية بشكل كبير، مما يترك فراغاً قد تسعى القوى المتنافسة إلى ملئه.

Comments (0)
Add Comment