تأمين مساحتنا الرقمية خلال هذا الموسم الاحتفالي وما بعده

ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان في رواندا، الدكتور أولوجبيميجا أديلاكين، يتحدث في إطلاق الحملة ضد "العنف القائم على النوع الاجتماعي الذي تسهله التكنولوجيا".

وبينما تختتم رواندا والعالم “16 يوماً من النشاط ضد العنف القائم على النوع الاجتماعي”، وينتقلان بسرعة إلى موسم الأعياد، فهذا هو الوقت المناسب لتكرار الحاجة إلى أن يستمر جميع أصحاب المصلحة الرئيسيين في ضمان أن النضال من أجل وقف موجة العنف القائم على النوع الاجتماعي في مجتمعاتنا يمتد إلى ما هو أبعد من هذا الاحتفال العالمي.

وفي الواقع، لا يمكن للجهود المبذولة لمعالجة العنف القائم على النوع الاجتماعي أن تكون مسألة موسمية، إذ أظهرت الأدلة أن هذا الخطر المجتمعي يمكن أن يحدث في أي وقت وفي أي موسم أو مكان.

 

إن الخطوة القيادية الاستباقية التي اتخذتها وزارة النوع الاجتماعي وتعزيز الأسرة في رواندا بالتعاون مع شركائها، بما في ذلك صندوق الأمم المتحدة للسكان، للتركيز على موضوع هذا العام على ضمان وجود أسر خالية من العنف القائم على النوع الاجتماعي في رواندا، ليست مجرد شهادة على الإرادة السياسية داخل الحكومة لمعالجة العنف القائم على النوع الاجتماعي في البلاد، ولكنها تؤكد أيضاً على حقيقة مفادها أننا لا نستطيع القضاء على العنف القائم على النوع الاجتماعي في مجتمعاتنا دون معالجة العنف القائم على النوع الاجتماعي في منازلنا، حيث تعتبر الأسرة الوحدة الأكثر أهمية في مجتمعاتنا.

 

وبناءً على هذا الأساس، قاد صندوق الأمم المتحدة للسكان وشركاء آخرون، تحت قيادة وزارة شؤون المرأة وتعزيز الأسرة، الجهود الرامية إلى إطلاق حملة تستهدف هذا الشاغل المتنامي بسرعة: العنف القائم على النوع الاجتماعي الذي تسهله التكنولوجيا.

ورغم أن هذه الظاهرة عالمية، فمن المهم أن نزيد الوعي بهذا الاستخدام المتزايد للتكنولوجيا لتسهيل العنف القائم على النوع الاجتماعي خارج حدودنا. وقد يؤثر هذا على أي أسرة، حتى في ظل موسم الأعياد في رواندا، عندما تتشارك الأسر الاحتفالات والذكريات عبر الإنترنت، ونحن بحاجة إلى إدراك وجود هذه الظاهرة الغامضة التي تكمن في فضاءاتنا الرقمية.

 

لقد كان العنف القائم على النوع الاجتماعي موجوداً منذ فترة طويلة على مستوى العالم، ولكن التطور التكنولوجي السريع الذي يشهده العالم اليوم، بما في ذلك اعتماد الأدوات الرقمية في أنشطتنا اليومية الروتينية، جعل هذه المنصة وسيلة متزايدة الأهمية لارتكاب العنف القائم على النوع الاجتماعي. والأمر أكثر إثارة للقلق لأنه غالباً ما يوفر درعاً للجناة خارج نطاق الاختصاص الجغرافي لأنظمة إنفاذ القانون الوطنية.

إن العنف القائم على النوع الاجتماعي ينتشر بصمت في عالمنا الرقمي، ويستهدف الأفراد على أساس نوعهم الاجتماعي من خلال نفس التكنولوجيات التي تهدف إلى ربطنا ببعضنا البعض. ويتجلى هذا العنف في أشكال عديدة، من المضايقات المستمرة عبر الإنترنت والخطابات السامة المعادية للمرأة إلى الملاحقة الإلكترونية المهددة والانتشار المدمر للصور الحميمة دون موافقة.

الرئيس التنفيذي لشركة MTN رواندا، مابولا بوديبي، يشارك لحظة ممتعة مع المندوبين.

 

وقد ثبت أن هذا النوع من العنف الرقمي هائل النطاق، وتكشف دراسة واسعة النطاق أجراها صندوق الأمم المتحدة للسكان في 18 دولة أن ما يقرب من 60٪ من النساء واجهن شكلاً واحداً على الأقل من أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي الذي تيسره التكنولوجيا. والتفاصيل الإقليمية أكثر إثارة للصدمة، على سبيل المثال، أفادت تسع من كل عشر نساء في جميع أنحاء أمريكا اللاتينية وأفريقيا بتعرضهن للعنف القائم على النوع الاجتماعي.

وعلى نفس المنوال، تكشف دراسة أجرتها مؤسسة روتجرز الدولية عام 2024 بعنوان فك شفرة العنف القائم على النوع الاجتماعي، والتي أجريت في سبع دول – إندونيسيا والأردن ولبنان والمغرب ورواندا وجنوب إفريقيا وأوغندا – عن معدلات مثيرة للقلق من التحرش عبر الإنترنت، حيث بلغ معدل انتشاره 49٪ في أوغندا و40٪ في جنوب إفريقيا. وهذا يوضح الانتشار العالمي لهذا الخطر المجتمعي في إفريقيا وخارجها.

 

ومن المطمئن أن نلاحظ أن الحكومة قد وضعت بالفعل أطراً لتوفير بيئة مواتية لمعالجة العنف القائم على النوع الاجتماعي في البلاد. بدءًا من وضع قانون وسياسة للأمن السيبراني إلى إنشاء هيئة وطنية للأمن السيبراني لقيادة جهود الحكومة للحد من هذا الخطر في مجتمعنا.

ويضع هذا أيضاً عبئاً إضافياً على جميع الجهات المسؤولة في المجتمع، بما في ذلك شركاؤنا في التنمية، لضمان وجود معلومات ومعرفة كافية حول العنف القائم على النوع الاجتماعي حتى يتمكن الناس من تحديد ومنع جميع محاولات استخدام التكنولوجيا لإيذاء شعبنا، وخاصة النساء والفتيات، بغض النظر عن موقعهم أو مكانهم في المجتمع.

 

وتأتي هذه الدعوة متوافقة مع الجهود الأخيرة التي بذلها مكتب التحقيقات في رواندا لتذكير الناس، وخاصة مستخدمي الإنترنت، بالحاجة إلى الوعي بخطر العنف القائم على النوع الاجتماعي الذي يمكن أن يتجلى في التنمر الإلكتروني بما في ذلك المطاردة الإلكترونية وانتهاك الخصوصية وأشكال أخرى من المضايقات عبر الإنترنت.

ومع ذلك، فقد جلبت حملتنا الأمل. فقد أظهر التعاون غير المسبوق بين المنافذ الإعلامية والفنانين والمؤسسات الحكومية التزام رواندا الجماعي بإنشاء مساحات رقمية أكثر أماناً. كما أدت التغطية الإعلامية الموسعة ومشاركة الأصوات المؤثرة إلى تضخيم رسالتنا إلى ما هو أبعد من التوقعات الأولية. وقد لاقت مشاركة وزارة النوع الاجتماعي وتعزيز الأسرة صدى خاصاً بين الفتيات والنساء الصغيرات، اللاتي يشكلن جزءًا كبيراً من مواطنينا الرقميين.

الأمينة الدائمة لوزارة شؤون المرأة وتعزيز الأسرة، ميراي باتاموليزا، تتحدث خلال إطلاق الحملة.

 

وإلى جانب الإجراءات الفردية، نحتاج إلى التزام جماعي بخلق بيئة رقمية حيث يمكن للجميع، وخاصة النساء والفتيات، المشاركة دون خوف. ولهذا السبب ندعو أيضًا القطاع الخاص، وخاصة شركات التكنولوجيا، إلى تكثيف دورها في خلق مساحات أكثر أماناً على الإنترنت لجميع المستخدمين، وخاصة وضع التدابير التي من شأنها منع استخدام منصاتهم لإدامة العنف القائم على النوع الاجتماعي. لقد أرست حملتنا الأساس لجلب هذه القضية إلى الواجهة، لكن العمل الحقيقي يبدأ الآن. ومع استمرار رواندا في التحول الرقمي، يجب أن يصبح ضمان السلامة على الإنترنت أمراً طبيعياً مثل قيمنا التقليدية المتمثلة في الاحترام والكرامة.

رسالتنا واضحة: في كل من الفضاءات المادية والرقمية، يستحق الجميع الاحتفال دون خوف من العنف القائم على النوع الاجتماعي الذي تسهله التكنولوجيا.

 

 

Comments (0)
Add Comment